افتتح ريال مدريد مشواره في دوري أبطال أوروبا 2025-2026 بانتصار مثير وصعب على أولمبيك مارسيليا بنتيجة 2-1 على ملعب سانتياجو برنابيو، في مباراة حملت كل ملامح الدراما والإثارة التي تميز البطولة الأوروبية العريقة. كان هذا الفوز بمثابة إعلان مبكر عن عودة الملكي لساحة المنافسة الأوروبية تحت قيادة مدربه الجديد تشابي ألونسو.
بداية صعبة وتحديات متراكمة
شهدت المباراة تطوراً درامياً منذ الدقائق الأولى، حيث تعرض ألكسندر أرنولد لإصابة مبكرة في الدقيقة الرابعة اضطرت ألونسو لإجراء تبديل اضطراري بدخول داني كارفاخال بدلاً منه. لم تكن هذه سوى البداية لسلسلة من التحديات التي واجهها الفريق الملكي خلال المواجهة، حيث افتتح تيموثي ويا التسجيل لصالح مارسيليا في الدقيقة 22، مما وضع الريال في موقف صعب أمام جماهيره على أرضه.
لكن شخصية ريال مدريد الأوروبية سرعان ما ظهرت، حيث حصل الفريق على ركلة جزاء في الدقيقة 28 بعد تدخل واضح من جيوفري كوندوجبيا على رودريجو. تقدم كيليان مبابي لتنفيذ الركلة وسجل هدف التعادل الأول له في مشواره الأوروبي مع النادي الملكي، مما أعاد التوازن للمباراة وبث الأمل في صفوف الفريق الأبيض.
هيمنة دون فعالية كافية
رغم السيطرة الواضحة لريال مدريد على مجريات اللعب، إلا أن الفريق عانى من عدم الفعالية أمام المرمى. الأرقام تشير إلى أن الريال خلق 5 فرص محققة ووصل معدل أهدافه المتوقعة إلى 3.65، مما يعكس السيطرة الهجومية الكاملة على المباراة. لكن الواقع كان مختلفاً، حيث أهدر اللاعبون فرصاً ذهبية وارتطمت الكرة بالعارضة مرتين، فيما تألق حارس مارسيليا رولي بشكل استثنائي محققاً 13 تصدياً منع الفريق الفرنسي من الانهيار تماماً.
هذا الأسلوب في اللعب لم يكن مفاجئاً تماماً، فمن الطبيعي أن يصنع ريال مدريد هذا الكم من الهجمات أمام فريق يقوده روبرتو دي زيربي، المعروف بأسلوبه في اللعب المفتوح دائماً. لكن المثير للاستغراب كان أن مارسيليا ظهر غير مترابط هجومياً رغم الفلسفة الهجومية لمدربه، ولو كان هناك انسجام أكبر في الخط الأمامي، لشكّل خطورة أكبر وكان قادراً على إلحاق الأذى الأكبر بدفاعات ريال مدريد.
النقص العددي والشخصية الأوروبية
تعقدت الأمور أكثر لريال مدريد في الدقيقة 71 عندما حصل داني كارفاخال على البطاقة الحمراء المباشرة بعد اعتداء بالرأس على حارس مارسيليا رولي خلال إحدى المناوشات داخل منطقة الجزاء. هذا الطرد وضع الفريق في موقف أكثر صعوبة، حيث اضطر للعب الدقائق الأخيرة بعشرة لاعبين فقط أمام فريق مارسيليا المتحفز للاستفادة من النقص العددي.
لكن هنا ظهرت الشخصية الأوروبية العريقة لريال مدريد، الفريق الذي اعتاد على التعامل مع المواقف الصعبة في البطولات الكبرى. رغم النقص العددي والضغط المتزايد من مارسيليا، تمكن الملكي من الحفاظ على تقدمه وإدارة الدقائق الأخيرة بحكمة، مستفيداً من خبرته الواسعة في هذه المواقف العصيبة التي تتطلب أعصاباً من حديد.
علامات قلق في أداء الفريق
رغم الفوز المهم، ظهرت بعض علامات القلق في أداء ريال مدريد تحت قيادة ألونسو الجديدة. الفريق بدا وكأنه يعاني بدنياً في بعض فترات المباراة، ويفقد الكرة بسهولة في وسط الملعب، مما يشير إلى حاجة ماسة لمزيد من الوقت لاستيعاب الأفكار التكتيكية الجديدة. تركيبة الوسط التي يختارها ألونسو حتى الآن ما زالت غير مقنعة تماماً، وهو ما يضع تحدياً كبيراً أمامه في المواعيد الكبرى القادمة، خاصة مع اقتراب مواجهات أصعب في البطولة.
هذه المشاكل التكتيكية ليست مستغربة في بداية عهد مدرب جديد، لكنها تتطلب حلولاً سريعة خاصة مع كثافة المباريات القادمة. ألونسو يحتاج إلى إيجاد التوازن المناسب بين الهجوم والدفاع، وتطوير آلية أفضل لاستعادة الكرة في الوسط دون فقدان السيطرة على اللعب.
بداية واعدة لمشروع ألونسو
رغم التحديات والصعوبات، تبقى هذه المباراة بمثابة اختبار مهم لمشروع تشابي ألونسو الجديد مع ريال مدريد. المواجهة لم تكن سهلة أبداً أمام مدرب بخبرة دي زيربي وفلسفته التكتيكية المتطورة، لكن ريال مدريد بخبرته وشخصيته الأوروبية العريقة تمكن من الخروج منتصراً في نهاية المطاف. النتيجة تعطي دفعة معنوية مهمة للفريق والمدرب في بداية المشوار الأوروبي الجديد.
الآن يظل السؤال الأهم مفتوحاً: كيف سيكون شكل موسم تشابي ألونسو الأوروبي مع ريال مدريد؟ هل سيتمكن من تطوير أسلوب لعب متوازن يحافظ على الهوية الهجومية للنادي مع تعزيز الجانب الدفاعي؟ وهل ستكفي الشخصية الأوروبية للفريق لتغطية النقائص التكتيكية في المواجهات الأصعب القادمة؟ المباراة أظهرت إمكانيات واعدة لكنها كشفت أيضاً عن حاجة لمزيد من العمل والصبر لبناء فريق قادر على المنافسة على جميع الألقاب.